-->

7/30/2017 10:46:00 ص

ملحمة قيامة أرطغرل ودور الدراما في دغدغة مشاعر المسلمين

7/30/2017 10:46:00 ص

دائمًا ما أعتبر التلفزيون الرسمي لكل دولة هو سفيرها المبعوث إلى بيوت العالم والناطق باسم الدولة عبر موجات لا سلكية من خلاله تقاسم مع المجتمعات همومها أو تزيدها كدرًا وغمًا.

إثر هذا شهد التلفزيون الرسمي التركي في العاشر من ديسمبر لسنة 2014 عرض أولى حلقات الموسم الأول من مسلسل: قيامة أرطغرل للكاتب والمنتج التركي محمد بوزداغ، تدور أحداث المسلسل حول ما كان من شأن قبيلة قايي (أحد شعوب الأوغوز التركية) في القرن الـ13 الميلادي. بدأ بقيادة سليمان شاه والد الغازي أرطغرل بك للقبيلة وتسلم هذا الأخير للزعامة بعد وفاة والده حتى ولادة عثمان الأول مؤسس الدولة العثمانية.

يعتبر المسلسل – قيامة أرطغرل – المليء بمشاهد الدراما والبطولة إحدى أقوى الملاحم التي رصدتها كاميرا القرن الـ21 في قالب سنيمائي فائق الجمال والإتقان، عندما يكون الفن في خدمة الرسالية وتكون الشاشة واقعًا مأمولًا بشغف.

والملفت في هذا العمل الفني الرائع هو ذلك الحجم الكبير من التعاطف والترقب المنقطع النظير لكل حلقات المسلسل الذي حظيه لدى مختلف الفئات العمرية للجمهور العربي المسلم.

إذ يدغدغ الطابع السيكولوجي للشخصية المسلمة ويدفعها لإحداث قطيعة اضطرارية بين ما يلزمها به الدين من قيم ونخوة وشهامة ونصرة للمظلومين وبين ما يفرضه عليها الإعلام الهدام عبر قنواته – سفراء النوايا الخبيثة – ويريده لها أن تحياه.

ولعل أفضل شاهد على هذا ما أقدمت عليه إحدى قنوات التلفزيون الرسمي لدولة قطر من دبلجة لهذا العمل السينمائي وعرضه على شاشتها، الأمر الذي يعكس مدى وعي الدولة، كيف لا وهي – قطر – التي تحتل المرتبة الأولى عربيًا والرابعة عالميًا من حيث جودة التعليم وما يؤشر له هذا من اتساع لقاعدة الهرم النخبوي للفئة المثقفة، ما يسهم من إذكاء الوعي لدى مختلف فئات هذا المجتمع الحضاري.

إن إذكاء روح المقاومة والبطولات وصناعة البطل النموذج في حين من الدهر كهذا لتتوق إليه الأنفس المهترئة أكثر من أي وقت مضى، عندما تغيب آمال النصرة وتبرز مخالب الخذلان، تكون تلك الحناجر المجروحة من فرط الصرخات أحوج إلى جرعة معنوية حتى، كيما تتوثب مجددًا وتعلم أن الأيادي العاجزة تلك كبلها المتسلطون على الشعوب ولسان حالها يقول: مرغم أخوك لا جبان!

دائمًا ما يكون للمجتمعات التي تنشد الحضارة قدم السبق في دراسة وتحليل أي ظاهرة على تفاوت نتائجها ومجالها، لذلك أخذ المجتمع الغربي على عاتقه وضع نظريات علمية لإعلامه الرسمي وحول ما يصدره من مواد «إعلامية» لباقي المجتمعات، ولعل أبرز تلك النظرية وأخطرها: نظرية الفعل التراكمي، تهدف إلى ترسيخ مغالطات أو ما ينافي العادات أو المعتقدات تحت تأثير تكرير المشهد لمرات عدة، لأن كثرة المراس تفقد الإحساس فيصبح ما ينكر بالأمس مباحًا اليوم وعاديًا حين عرضه، وسأكتفي بمثال لطالما استفزني يتعلق الأمر بفيلم «المصير» الذي تعرض لحياة العلامة ابن رشد، بعد عرض الفيلم تنصل كاتب القصة (د. عاطف العراقي) عن محتوى الفيلم من أخطاء وتلفيقات لإسقاط التاريخ على الواقع، كما كتب عبد الوهاب المسيري عن خريجي النظريات الإعلامية الغربية وبتمويلات منها مستنكرًا على يوسف شاهين ما صنعه بشخصية ابن رشد بدعاوى معالجة التطرف الإسلامي وبشخصية صلاح الدين الأيوبي في فيلم آخر والذي حذف اسم القدس وحل محلها أورشاليم على اعتبار أنها موطن للإسرائيليين وهم أحق به، كل هذا وما خفي أعظم كان تحت الرعاية الغربية وفي خدمة نظريتها في الإعلام ورواده، لرسم المجتمع المنشود للعالم المسلم من خلال اللاوعي المخاطب.


فالإعلام بمختلف منابره ووسائطه كان وسيظل المتفرد بالسلطة الشعورية في كل المجتمعات بين التعاطف والتعاطف الانتقائي، بين إنعاش الضمير وتخديره، بين الحملات الدعائية المغرضة منها والسوية، وعلى قدر هذا كله تتكيف النتائج وتحصد النتائج المتوخاة.

تعليقات

  • فيسبوك
  • جوجل بلاس
جميع الحقوق محفوظة لـ ٌقيامة أرطغرل

تصميم و تكويد