ليست قيامة أرطغرل.. بل قيامة الإعلام !
يقول مالكولم إكس: وسائل الإعلام هي الكيان الأقوى على وجه الأرض
.. لديهم القدرة على جعل المذنب بريئًا، وجعل الأبرياء مذنبين .. وهذه هي السلطة؛
لأنها تتحكم في عقول الجماهير.
وأقول إن قوة الإعلام وقوة السلاح سيفان في قبضة واحدة، وما من أمة
أرادت النجاح والتقدم، إلا وسبب تقدمها يعود للإعلام، وما من أمة انحطت وفقدت
قيمها، إلا وكان الإعلام أحد هذه الأسباب.
في الوقت الذي صنع الإعلام العربي قدوات من زجاج، كان الغرب قادرًا
على صناعة قدوات أقوى، وتصديرها إلى العالم العربي والإسلامي، إذ إن أهم هذه
القدوات وشغلهم الشاغل هو انشغال العالم باسمها ولبسها ونشر ثقافتهم الشخصية
وزيادة عدد المتابعين، وما إلى ذلك من هذه الأمور العامة.
قال لي أحد المتابعين ذات مرة: إن اللاعب الفلاني يلبس في قدمه
حذاء رقم كذا وكذا، ويفضل اللون الفلاني، وصديقته فلانة، وبدأ يصول ويجول في كثير من
الملاحظات، إلا أن ما لفت انتباهي أكثر أن صديقي يتكلم بفخر.
لا أقول: إن اعلامنا العربي ضعيف، ولكنه يفتقد التوازن بين نظام
الدين والأخلاق والعادات والتقاليد التي نعيشها، والتي تمثل الإطار العام الذي
نعيشه وكيفية توظيفها مع التقدم الفني، وجل ما نجده إما إعلامًا هوليودي يتماشى
وما هو سيئ في المجتمعات الغربية أو إعلامًا تقليديًا مهترئًا يصور لنا الدين
والأخلاق بطريقة إعلامية منفرة.
بين هذا وذاك ظهر مسلسل أرطغرل فكان القيامة، قيامة الإعلام
الإسلامي بصورة واضحة المعالم، وبطريقة خيالية سينمائية، مسلسل عكس بعضًا من معالم
الهوية الإسلامية التي تهاوت عبر الزمن، أعاد لهذه الأمة بعضًا من المشاعر اتجاه
الدين ونصرة الدين، حينما تجلس وتتابع حلقاته؛ يشدك الإبداع من جهة، ويشدك الحنين
من جهة، ويغذى العقل بمعلومات غنية تاريخية من جهة أخرى وتختلج المشاعر في داخلك
حرقة على ما حل بالأمة بعد أن كانت سيفًا حاميًا لهذا الدين، وقلبًا دافئًا لكل
مظلوم.
أبدع المؤلف حينما صور لنا الشخصية المسلمة قوية وذكية وعاملة
ومنتجة ومحبة، التي تؤثر في دواخل الشباب، وتغير فيهم وتزيد من الدوافع الإيجابية
الباعثة، وتقلل من الدوافع السلبية، مثل هذه الشخصيات وجودها وتناقلها في الإعلام
ضروري يكاد يصل إلى الحتمية؛ لأن لها عبر الإعلام دورًا حساسًا في بناء الفرد
وشخصيته في المجتمع.
إليكم أيها المتابعون، الكاتبون، الممثلون، المصورون، الموسيقيون،
أوجه كلماتي:
إن كان لك هدف ورسالة واضحة لا تخجل في أن تبين كل جوانبها، فكما
نقل الغرب ثقافتهم الينا بجمال ظاهرها ونعومة ملمسها تستطيعون بقوة المبدأ
والأخلاق والدين، أن تنشروا جمال ثقافتنا في كل البقاع، ولكن عليكم بالعلم
والمعرفة، فازدادوا فيها تحقق أحلامكم، من يعظِّم الفكرة ستعيش فيه ويعيش فيها،
سيحققها عاجلًا أم آجلًا.
آمنوا كما آمن أرطغرل وكونوا أنتم قيامة الإعلام، فلستم أقل همة ولا
قوة ولا معرفة، بل بإيمانكم ومعرفتكم ستجول ثقافتنا كل أنحاء العالم.
اصنعوا أثرًا للشباب الهائم، الباحث عن قيمه ومبادئه وثقافته
ليحملها بلا خجل، كونوا أنتم معول بناء الشخصية القيادية القوية، بفنكم وموسيقاكم
وجمال حرفكم بنقل الافكار من نصوص جامدة إلى رسائل حية يلمسها الجميع.
ستبقى بعض الكلمات عالقة في الأذهان وسيبقى رنينها يدق مع كل نبضة
قلب، كما حيَّ إلى الله، الحق هو الله، الأمة الإسلامية، إنقاذ الأمة أكبر همنا،
وكما الكثير من الكلمات التي وردت تشحذ الهمم وتزيد الأمل.
أيها المبدعون كونوا أنتم القيامة!




مواضيع ذات صلة